07.31.2013
خالد البرى
قطاع كبير جدا من الشعب يرى أن الفريق عبد الفتاح السيسى حين انحاز إلى المطلب الشعبى
بإسقاط محمد مرسى كان صاحب المخاطرة الكبرى كفرد. صحيح أن هذا الموقف اتخذه
مجلس قيادة القوات المسلحة، لكن السيسى «فى وش المدفع»، وبصورة أكثر «شخصانية»
مما كان عليه الحال أيام المشير حسين طنطاوى، الخجول، المفتقد إلى الكاريزما.
هذا القطاع يعرف أيضا أن المؤسسة العسكرية لها مصلحة كبرى فى هذا التصرف، جزء منها
مصلحة فئوية، بسبب خطوات الإخوان الحثيثة فى التغول على السلطات الأخرى.
لكن الجزء الأكبر مصلحة وطنية. فالمؤسسة العسكرية، بموجب الدستور الإخوانجى،
حصلت على الامتيازات الفئوية التى تريدها.
كما أن نفوذها كان يستطيع تحمل ضغوط الإخوان لفترة كبيرة قادمة.
كما يعرف هذا القطاع من الشعب أنه لولا التأييد الشعبى للمؤسسة العسكرية ما كانت المظاهرات
لتكون بهذا الحجم. تماما، كما أنه لولا المؤسسة العسكرية والدولة
العميقة، ما حصلت شرعية ٤ فبراير «اجتماع عمر سليمان مع الإخوان وقوى أخرى»
على هذا التأييد فى استفتاء ١٩ مارس ٢٠١١. هذه الأغلبية الكاسحة التى نسبها الإخوان
إلى أنفسهم فانخدعوا وأصابهم الغرور.
«الثوار الأنقياء» يرون هذا تدخلا «مذموما» من المؤسسة العسكرية فى السياسة.
هذا القطاع من الشعب يراه تدخلا «محمودا»، لولاه لانهارت الدولة.
وبالتالى يرون المؤسسة العسكرية -وشخص السيسى- ضمانتهم ضد انهيار الدولة.
هذا القطاع من الشعب يصنعون من السيسى بطلا. وقد يترجمون هذا الصنيع إلى «ضغوط»
لكى يترشح للرئاسة. هل هم محقون فى الصنيع أم لا؟ سؤال مهم. لكن الإجابة عليه بنزاهة
لن تأتى إلا بالنظر إلى الوجوه الأخرى على الساحة. الإسلامجية والقوى المدنية.
الإسلامجية ليسوا موضوعنا هنا. فهذا القطاع الذى أتحدث عنه من الشعب -جمهور ٣٠ يونيو-
خرج ليسقط رئيسهم. يبقى السياسيون المدنيون. وهؤلاء مشكلتهم الأساسية أنهم لا يقدمون إجابة
على الأسئلة الشعبية، بل يكتفون بمخاطبة دوائرهم، ومخاوف دوائرهم. ليس لديهم خطة واضحة،
قابلة للتنفيذ -لاحظى- لتحسين الأوضاع. هذا القطاع من الشعب متضرر ماديا ومعنويا من الإرهاب
والتلويح به. ويريد التخلص من شبحه. إن استطاع الزعماء المدنيون ذلك بالورود فليتفضلوا.
المهم أن يقنعوا الناخبين بهذا. وأن يصلوا إلى نتائج تقنع الناخبين بهذا.
هذا لم يحدث حتى الآن. وكل يوم يمضى يخصم من رصيدهم.
هل من قادة القوى المدنية من خرج يتحدث إلى الشعب عن هذه المخاوف؟ هل منهم من كلف نفسه
عقد مؤتمر صحفى يعرض فيه رؤيته للخروج من الأزمة وتلقى أسئلة صحفيين حولها؟
نحن -القوى المدنية- لسنا قوة صغيرة. تأكدى من ذلك. ٢٢٪ من الناخبين موالون للقوى الثورية
المدنية العالمانية. وهناك أيضا قوى من الدولة القديمة لكنها ديمقراطية وتريد دولة حديثة.
وهذه عبر عنها المصوتون لعمرو موسى فى الجولة الأولى «بل وجزء لا بأس به ممن صوتوا لأحمد شفيق
فى الجولة الأولى من المسيحيين وحزب الكنبة غير المسيس». ولا تنسى أن حمدين صباحى -
تحت شعارات الثورة- جاء فى المقدمة أو المركز الثانى فى القاهرة والجيزة والإسكندرية.
نحن -القوى الثورية- القوة الكبرى فى المدن الكبرى. لا تهزمى نفسك بنفسك. إنما نفتقد فقط إلى القيادة.
وهنا الشق الثانى من الإجابة على سؤالى: من الذين يصنعون من السيسى بطلا؟
ليس فقط قطاع الشعب المحب للمؤسسة العسكرية. إنما أيضا القطاع الثورى المتراخى، المتحجر،
العاجز عن الرؤية من منظور جيرانه. القيادة الثورية المترددة. التى لا تفهم أولويات الشعب.
العاجزة عن الخروج بخطابها خارج حدود مؤيديها إلى دائرة أنصار الدولة، أنصار الاستقرار،
حزب الكنبة، والمطالب الحياتية «العالمانية». إن قطاعات جديدة من الشعب -منها مؤيدون للثورة-
بدأت تقارن الحسم بالحسم. الاستعداد للمخاطرة. والأهم من ذلك، الأفق.
لقد صرح السيسى أنه لن يترشح للرئاسة. لا أعلم إن كان هذا عزما نهائيا أم مناورة.
لكننى أعلم أن القوى السياسية وقادتها أمامهم فرصة تاريخية لاستغلالها. كما استغلال الحرج السياسى
الناتج -فى هذه المرحلة- عن تولى عسكرى السلطة. هذه فرصة لتقديم أنفسهم إلى دائرة أوسع من
جمهور ٣٠ يونيو. إن فرطوا فيها فهم أيضا يصنعون من السيسى -أو من ينوب عنه- بطلا مخلصا.